الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

عن أوقات ضاعت بلا فائدة، وأوقات ستضيع

- لا.. لن يعيش!

يطيل النظر للطبيب وقد علت وجهه إبتسامة يأس وعينان جفّتا ولو لم يكونا كذلك لأغزرتا الدموع، يمشي مترنحا نحو الغرفة، 114، يشعر بصعوبة بالغة في الحركة، 109 ، يشعر أن رأسه سينفجر، 110 ، ماذا سيخبره؟ 111، كيف سيخبره؟، 112، وكيف ستكون ردة فعله؟ 113، يتوقف لحظة ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يفتح الباب، 114.

عندما تحب أحدا فإنك تخاف من مجرد التفكير في فقدانه.. فكّر في أقرب الناس إليك الآن، أحد من يقطنون معك ذات المنزل ، أو حتى ذات الغرفة، وتصّور أنه مات فجأة، إذا كنت أحد تلك الشخصيات العاطفية فإن فكرة كهذه، ستكلفك عناءا حقيقيا، وإذا لم تكن فتخيل أنك انت من سيموت،لأنك تحب فستتجاهل حقيقة أن كل ما تحبه إلى زوال، وستضيع وقتك في التعامل بطبيعية، وكأن كل شيء مستمر، كأن الموت حالا هو أمر مستبعد، وكأنها.. الحياة، بعكس كل شيء آخر، لا تنتهي أبدا!



- ستعيش.. طويلا.

نظرة صامتة

- الجميع ينتظرونك، سأزورك غدا .. في نفس الوقت، سأذهب لأنهي إجراءات المغادرة!

إحتضنه وهم بالذهاب على عجل

عندما تحب أحدا فإنك تكذب، سوف تخبره أنه سيعيش، وأنت تعلم انها دقائق باقية، سوف تشغله بأي شيء، ستخبره دائما ان هناك المزيد من الحياة، ستطمئنه بكل ما آوتيت من قوة، وسيصل بسببك لمرحلة يضيّع فيها ما تبقى من اوقات، من أجل ما أوهمته أنت، ومن أجل لا شيء، على الإطلاق!

- أعلم أنه لم يبقى لي إلا دقائق.
- لا تقل هذا! قال لي الطبيب أنك ستعيش، وأن مرضك هو مرحلة، لا تتعب نفسك حتى يكون شفاؤك أسرع، فقط نم وسآتيك في الغد!
- أعلم أنه لا غد، أعلم أني سأموت، فلتترك لي دقائقي الأخيرة لأعيشها في صدق.
- أنت غبي، قلت أنك ستعيش، لا تجادل ولتنتظر لتعرف الحقيقة.
- ماذا لو انتظرت ولم يبقى من وقت لاعرف الحقيقة؟ أكنت ستضع دقائقك الأخيرة لتعرف حقيقة ربما لا تجد الوقت لتستوعبها؟
- اتنكر كلام الطبيب؟
- نعم، أعرف أنه لا غد وأنني ساموت الآن، وأعرف أنك كاذب.
***
يخرج من الغرفة مسرعاً، تعابير وجهه مذعورة، يتصبب عرقا، يقود سيارته مسرعا.
***
اعداد من البشر يظهرون فجأة ليخرجوا السائق قبل أن تشتعل السيارة بالكامل.
- لايتنفس.
- فليستدع احدكم طبيبا.
- هناك من يتصل بهاتفه.
- مَن؟
- سيّد عادل؟ لقد توفى الله أخوك، أرجو أن تحضر حالا؟
- أرجوك أخبرني إسمه بالكامل؟
- اسم من؟
- صاحب هذا الهاتف فقد حياته منذ دقائق في حادث سيارة!

عندما تحب شيئا، فإنك تتجاهل حقيقة أنك سوف تفقده، وقد تفقده بالفعل أثناء محاولاتك الفاشلة لإثبات أن ذلك لن يحدث، ولكن ما سيحدث بالتأكيد قبل إنتهاء كل شيء من حولك، هو ان تنتهي أنت، مصمما على إعتقادك القديم، أن تلك النهاية هي فقط إنتقال، وأن الثانية عندما تضيع فإنها لن تسبب خسارة حقيقية، أمام السنين القادمة!

عندما تحب شيئا، توقف عن إضاعة الوقت، وإستمتع به.

Share/Bookmark
rss