الأربعاء، 17 يوليو 2013

(17) عن كراهيتي للقهوة!

كأنه عناد طفل صغير لا طائل من ورائه ولا فائدة، كأنه بكاء على آخر كوب ماء في عصر جفاف ما، لا أمل في إيجاد غيره، ولا الأرض ستعيده بعد أن إنسكب عليها فأعاد قليلا من حياتها إليها، كأن كل قوانين الطبيعة الراسخة ليست السبب، كأن القهوة هي الفاعلة!

عندما كنت صغيرا كنت أود فعلا أن أكبر، أقوم بكل تلك الأشياء الممتعة التي يقوم بها الكبار، ولكن ياللحسرة، لم تكن ممتعة، كانت كل ما تفعله القراءة أنها تزيدني أعواما، ليس من متعة حقيقية أشعر بها عندما أقرأ رواية كاملة في سن الثامنة، بدأت أمثل إدمان الشاي مثلا، أسهر لساعات متأخرة فقط لأثبت لنفسي أنني من الكبار، وأن بإمكاني السهر، أدخن القلم " الفرنساوي " في صبر وإستمتاع حقيقيين، فقط القهوة كانت تبقيني بعيدا، لم أكن أستطيع تحمل مرارها، كنت أشرب الشاي بخمسة ملاعق من السكر لأنني أضعف من تذوق نكهته تلك ببساطة، فكيف يكفي ذلك الفنجان الصغير لخمسة ملاعق؟ مرت عشرة سنوات، شعرت أنني أضيع وقتا كثيرا في تمني أن أكبر، هل يستحق ؟ هل تمر عشرة سنوات أخرى، وعشرة سنوات غيرها، وعشرة سنوات إضافية، حتى يأتي ذلك الوقت حين أعرف أنني قد أضعت عمري في إنتظاره، حتى أجلس واهنا على مقعد متهالك، أنتظر الموت يوميا، فلا أموت، ولا أفعل شيئا آخر، أزداد وهنا ويزداد إنتظاري طيلة، لا أملك شيئا سوى كوب القهوة الذي سيمنعني طبيب القلب منه، قد يعطف علي بمرة أسبوعية، ولكنني سأستمر في إحتساء قهوتي اليومية، في الخامسة، لا أملك سواها، وكتبا لن تجد مكانا تضيف إليه سنينا أخرى فتبدأ في إنتظاره معي، الموت، أنا، وكتبي، والقهوة، لهذا أكرهها، تذكرني بتلك الأيام القادمة، التي أضيع الحاضر في إنتظارها، وتذكرني بالماضي الذي اضعته كذلك، أبتعد عن القهوة، لأنها ستجعلني أكبر، وستعجل بقدوم تلك الأيام، وستضيع السنين، ربما قد أحب القهوة عندما تبقى هي لي وتكون كل ما أملكه، ولكنني لن أقربها الآن، لأن القهوة للكبار، وأنا لم أعد أريد أن أكبر!!


Share/Bookmark

ليست هناك تعليقات:

rss